سندس هنداوي
مدينةُ الجمال مُهجّرة
سُكّانها بريئون بـحجمِ المجّرة
جُدرانها من طوبِ المسّرة
إجتاحَها الخراب في لحظةٍ مُدبّرة
عاثَ فيها التبّرم فأصبحت حكاية مجزرة
****
رحلوا وبقِيت هيَ وحيدة
كـالطفل اليتيم
كـالعلقم السقيم
كألماسةٍ بـقلبِ الخلاء فريدة
مضوا ونَسوا وهي في الإنتظار عنيدة
****
تُعيد ذكرياتها بأبيضٍ وأسود
وبـشريطٍ أخضرٍ مُخضرم
ترسُم وجوهَ العابرين حزناً
وتطغى على الغائِبين شوقاً
حزناً لـرحيلِهم عن مداها
وشوقاً لمُلامسة صوتهم في صداها
****
لا إلتئامَ لـجُرح الهجِر
ولا حتى سلام
خرابٌ يتبعهُ خراب
يمضي يوم ويأتي أسبوع
والإنتظار في المدينةِ
أبطَن الكدر والآلام
****
نضجت والوقارُ أولَف إبتئاسها
ورفعَ على الجُدران كلامَها
وبسط للأرضِ حوارها
غاصَ في البيوت وأسرارها
وحرثَ عجزها وسكَن مأواها
وقلبَ إرثَها بخطفِ أسوارها
****
عـطَفوا على الحبيبة
وقطفوا لها من الماضي
سنين عتيدة
بـشوقِها بـرفقِها
حضَنت غِيابهم وبكَت
كـالفرس الأصيلة
****
مدينةُ الجمال مُهجّرة
لـسببٍ حُفِر على أحجارٍ مُسطّرة
لـسببٍ واحدٍ عقيم
لا منشأ لهُ كـالدّاء الدّميم
"أحبّت فـهُجِرت"